مناجاة الذاكرين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : إِلَهِي لَوْلا الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ عَنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ ، عَلَى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لا بِقَدْرِكَ ، وَمَا عَسَى أَن يَّبْلُغَ مِقْدَارِي حَتَّى أُجْعَلَ مَحَلًّا لِّتَقْدِيسِكَ ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنَا جَرَيَانُ ذِكْرِكَ عَلَى أَلْسِنَتِنَا ، وَإِذْنُكَ لَنَا بِدُعَائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ ، إِلَهِي فَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ فِي الْخَلَاءِ وَالْمَلَاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالإِعْلانِ وَالإِسْرَارِ ، وَفِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَآنِسْنَا بِالذِّكْرِ الخَفِيِّ ، وَاسْتَعْمِلْنَا بِالْعَمَلِ الزَّكِيِّ ، وَالسَّعْيِ الْمَرْضِيِّ ، وَجَازِنَا بِالْمِيزَانِ الْوَفِيِّ ، إِلَهِي بِكَ هَامَتِ الْقُلُوبُ الْوالِهَةُ ، وَعَلَى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبَايِنَةُ ، فَلا تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ إِلَّا بِذِكْرَاكَ ، وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلَّا عِنْدَ رُؤْيَاكَ ، أَنْتَ الْمُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، وَّالْمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَّالْمَوْجُودُ فِي كُلِّ أَوَانٍ ، وَّالْمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسَانٍ ، وَّالمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنَانٍ ، وَّأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ ، وَمِنْ كُلِّ رَاحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ ، وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ ، وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طَاعَتِكَ . إِلَهِي أَنْتَ قُلْتَ ـ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ـ : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَّأَصِيلاً )) ، وَقُلْتَ ـ وَقَوْلُكَ الحَقُّ ـ : (( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )) ، فَأَمَرْتَنَا بِذِكْرِكَ ، وَوَعَدتَّنَا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنَا تَشْرِيفاً لَّنَا وَتَفْخِيماً وَإِعْظَاماً ؛ وَهَا نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَمَا أَمَرْتَنَا ، فَأَنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدتَّنَا يَا ذاكِرَ الذَّاكِرِينَ ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .